Admin Admin
عدد المساهمات : 51 تاريخ التسجيل : 09/08/2013
| موضوع: الإمامة في رؤية الأئمة الأطهار الثلاثاء 13 أغسطس - 3:09 | |
| الإمامة في رؤية الأئمة الأطهار
... إن ما سنتناوله يتسم بالطابع النقلي، وذلك من قبيل ما ورد من حديث عن النبي الأكرم في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أو ما صدر عن رسول الله أو أمير المؤمنين حول الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين وما قالاه عنهم، كما سنمر على الأحاديث التي يتحدث فيها كل إمام عن الذي يليه. هذه الموارد في البحث، تكتسب جميعا طابعا يميل بها إلى الاتجاه النقلي والتعييني والتنصيصي. ...وسأعتمد - في عرض هذه العناصر الحيّة التي ترتبط بروح الإمامة - على أحاديث الأئمة عليهم السلام، من خلال قراءة بعض ما ورد عن هذه العناصر في كتاب الحجّة من (الكافي). لقد أشرت مِرارا إلى أن الإمامة في المعنى الذي يطرحه الشيعة، أو على الأقل في معناها الذي تحويه أحاديث أئمة الشيعة، هي غير الإمامة التي يحكيها المعنى السائد عند أهل السنة، وهي أيضا غير مسألة الحكم التي كثيرا ما تثار في عصرنا الحاضر. الإمامة في معناها المقصود هي تالي تلو النبوة، ولكن لا بالنحو الذي تعني فيه أنها أدنى مرتبة من أي نبوّة كانت. كلا، بل المقصود أنها أمر شبيه بنبوة الأنبياء العظام، وهم حازوا على الإمامة أيضا، وجمعوا بين النبوة والإمامة. إن الإمامة حالة معنوية. وعند العودة إلى أحاديث الأئمة في هذا المجال نجد أنها ترتكز على مسألة الإنسان بشكل عام. ومن هنا ينبغي أن نجدد رؤيتنا حول الإنسان، لكي تتضح هذه الفكرة. الإنسان..أيّ موجود هو؟ تعرفون أن النظرة إلى الإنسان في منطلق الإجابة عن هذا السؤال: الإنسان.. أي موجود هو؟ تفترق إلى رؤيتين، تصدر الأولى عن تصور ينظر إلى الإنسان - كسواه من بقية الحيوانات الأخرى- موجودا أرضيا بالكامل. إن ما يرمي إليه هذا التصور هو اعتبار الإنسان كائنا ماديا - ليس إلا - مع فارق أن هذا الموجود المادي بلغ في مسار التحولات المادية أعلى صيغة من التكامل يمكن أن تبلغها المادة. فالحياة وفق هذا التصور، سواء في النباتات، أو في الحيوانات التي تعبر عن رتبة أعلى من التي سبقتها، أو في الإنسان حيث تبلغ أرفع مراتبها، ما هي سوى تجل للتكامل الذي صارت إليه المادة تدريجيا عبر مسار تحولاتها. النتيجة التي يفضي إليها هذا التصور، أنه ليس هناك عنصر آخر غير العناصر المادية يدخل في النسيج الوجودي لهذا الكائن. والحقيقة أننا نعبر عن الجزء الآخر بالعنصر، لأننا لا نملك غير هذه الصيغة في التعبير عنه. كما أن أي مظهر خلاق وعجيب ينطوي عليه هذا الموجود (كالنشاط الروحي والفعاليات المعنوية والقوى المبدعة مثل) إنما يصدر عن هذا النسيج المادي وحده. جريا وراء هذا المنطق ينبغي أن يكون الإنسان الأول في خط الخليقة، هو أدنى أنواع هذا الكائن، ثم غدا أكثر تكاملا كلما امتد به الشوط وتقدم إلى الأمام. ولا فرق في هذا المعنى بين أن نأخذ بنظر الاعتبار تصور القدماء للإنسان الأول، الذي يقول بخلق الإنسان من الأرض مباشرة وبين التصور المعاصر الذي يذهب إليه بعض السادة، ويصاغ فرضية تستحق التأمل في حد ذاتها، فحواها أن الإنسان الأول كائن منتخب من موجودات أدنى منه رتبة، ومتحول عن طبقة (سلالة) أوطأ، بحيث ينتهي أصله إلى الأرض، لا أنه منبثق من الأرض مباشرة، كما يذهب لذلك أنصار الاتجاه الأول. الإنسان الأوّل في القرآن عندما نعود إلى المعتقدات الإسلامية والقرآنية، نجد أن نظرتنا للإنسان الأول تصدر من رؤية تضعه في مكان يكون فيه أكثر تكاملا من كثير ممن بعده، بل هو أكثر تكاملا حتى من الإنسان المعاصر. ففي اللحظة التي وطئ فيها ذاك الإنسان عالم الوجود، كان يحمل معه عنوان خلافة الله. وبتعبير آخر: جاء ذلك الإنسان في مرتبة النبوة. وفي ضوء المنطق الديني، تستحق هذه النقطة التأمل، لماذا جاء الإنسان الأول على الأرض نبيا وحجة لله، في حين أن هذا المسار يخضع لقناعة ترى أن النبوة تنبثق كثمرة للخط العادي في مسير التكامل، لذا يجب أن يوجد الكيان الإنساني بادئ الأمر، ثم يقطع شوطه نحو الرقي والكمال بعد مراحل يطويها، وبعدئذ يُصار إلى انتخاب أحد أفراده للنبوة والرسالة. وموضع التأمل هو هذا التفارق بين التصور الآنف لانبثاق النبوة والنبي، وما عليه المعتقد الإسلامي - القرآني من أن الإنسان الأول جاء إلى الوجود وهو حجّة ونبيّ. القرآن الكريم يضع الإنسان الأول ذاك في مقام شامخ جداً، وهو يقول فيه:﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾1. لقد ورد بشأن الإنسان الأول تعبير: ( ونفختُ فيه من روحي )، وهو يشعر بدخالة عنصر علوي في التركيب الوجودي لهذا الكائن، غير العناصر المادية. أي أن بنية هذا الموجود تختص بشيء من عند الله، بالإضافة إلى ما ينطوي عليه من موقع الخلافة المشار إليه في قوله تعالى: ( إني جاعل في الأرض خليفة ). وبهذا تنطوي الرؤية القرآنية على معطىً عظيم إزاء الإنسان، بحيث حمل الإنسان الأول، الذي وطئت قدماه هذا العالم، عنوان حجّة الله، ونبي الله، والموجود الذي له صلة بعالم الغيب وارتباط مع السماء. والكلام الصادر عن أئمتنا - حول الإمامة- يرتكز إلى هذا المبدأ في أصالة الإنسان، وذلك في المعنى الذي يدل على أن الإنسان الأول في خط الخليقة حمل المواصفات المشار إليها آنفا، وسيأتي الإنسان الأخير على الخط، متحليا بالخصائص ذاتها. وبين الإنسان الأخير لن يخلو العالم الإنساني أبدا من كائن بشري من هذا الطراز، يحمل روح ( إني جاعل في الأرض خليفة ). هذا في الأساس، هو المحور في قضية الإمامة. يتفرّع على الأصل الآنف أن يكون سائر أفراد النوع الإنساني وكأنهم في وجودهم فرع لوجود ذلك الإنسان، بحيث إن لم يوجد مثل ذلك الإنسان، فلن يكون متاحا - أبدا - وجود بقيّة أفراد النوع البشري. مثل هذا الإنسان يعبر عنه"حجّة الله"، وهو المعنيُّ بالقول:"اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة" الوارد في نهج البلاغة2، وفي كتب كثيرة أخرى. لقد سمعت من المرحوم السيد البروجرودي أن هذه الجملة هي جزء من كلام تحدث به الإمام علي عليه السلام في البصرة، وهي مما تواتر نقله بين الشيعة والسنة. بيدَ أني لا أتذكر ما إذا كنت اطلعت على هذه الملاحظة في مكان آخر أم لا، وفي الواقع لم أسعَ لتقصّي الموضوع. على أيّ حال، ورد هذا التعبير للإمام في سياق حديثه المعروف إلى كميل. يقول كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فأخرجني إلى الجبان، فلما أصحر، تنفس الصعداء، ثم قال:"ياكميل بن زياد، إن هذه القلوب أوعية، فخيرها أوعاها، فاحفظ عني ما أقول لك". ثم قسّم له الناس أوّلاً وفق التصنيف الذي عرف عنه، فقال " الناس ثلاثة: فعالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع.." ما ينبغي الالتفات إليه في هذا الكلام، هو أن من يصفه الإمام بالعالم الرباني، هو غير الوصف الذي نطلقه نحن على أي عالم بدواعي المجاملة. فمراد الإمام عليه السلام هو العالم الذي يكون ربّانياً حقّاً وخالصاً في انتسابه لله، وهذا الوصف قد لا يصدق سوى على الأنبياء والأئمة. ثم إن صيغة التعبير في الصنف الثاني - حيث أضحى المتعلّم في مقابل ذلك العالم الرباني - تُشعر أن المقصود من العالم في الصنف الأول، هو الذي لم يتعلم من بشر. وعليه يكون المتعلمون في الصنف الثاني، هم تلامذة علماء الصنف الأول، والمستفيدين منهم. أما الصنف الثالث فهم همج رعاع، جاء في وصف الإمام لهم أنهم "لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ". بدأ الإمام أمير المؤمنين بعد ذلك يشكو أهل الزمان، وأنه يحمل علما كثيرا لا يصيب له حملة: " ها إن هاهنا لعلماً جما (وأشار بيده إلى صدره) لو أصبتُ له حمَلة ". بيدَ أنه سرعان ما يشير مستدركاً إلى أنه أصاب من الرجال من كان لقناً يفهم بسرعة، ولكن لا يُؤمَنُ عليه، لاستعماله آلة الدين للدّنيا. وإلى جوار هذه الفئة، يشير الإمام عليه السلام إلى أُخرى، وإن بدت حسنة في انقيادها لحمَلة الحق، إلا أنها لا بصيرة لها، تنساق وراء التقليد، فلا تستوعب ما يُلقى إليها ، أو أنها تخطأ في التلقي فيسارع إليها الشك3. يبدو كلام الإمام حتى الآن أنه يبعث على اليأس- تقريبا- من العثور على حمَلة للعلم. ولكنه يعود في نهاية حديثه مع كميل بن زياد للاستدراك بالقول4: "اللهم بلى! لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً، وإما خائفا مغمورا لئلا تبطل حُجَج الله وبيناته. وكم ذا وأين أولئك؟ أولئك- والله - الأقلُّون عددا، والأعظمون عند الله قدراّ. يحفظ الله بهم حُججه وبيناته، حتى يُودِعوها نُظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم. هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدّنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى"5 . ومراد الإمام عليه السلام أنه لا يمضي عن هذه الدّنيا من دون أن يقول ما عنده _ بل هو يحمله إلى قلوب أشباهه ومن ذكرهم ببقية الصفات -. وفي وصف هؤلاء الذين يتلقون من مبدأ ملكوتي أعلى، يقول عليه السلام: " هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة ". فالعلم هو الذي هجم عليهم وليس العكس، وهذا المعنى يشعر أن علمهم إفاضي، يهبهم البصيرة بمعناها الحقيقي، فلا يداخل هذا العلم شيء من الخطأ والاشتباه، كما لا يلامسه شيء من النقص. وقوله: " وباشروا ورح اليقين " يفيد أن لهم اتصالا بنحو ما بالعالم الآخر. وما بدا خشنا وعرا على المترفين الذي أنِسوا الترف والملذّات والنعيم، كان سهلا ليّنا عليهم. على سبيل المثال، إذا كان من الصعب على الإنسان المأنوس بالدنيا وملذاتها أن يخلو إلى الله ساعة، بل هذه الخلوة أصعب من كل شيء عليه، فإن أولئك يألفون هذه الخلوة ويأنسون بها، حتى كان من صفتهم أنهم: " أنسوا بما استوحش منه الجاهلون ". هم مع الناس بأبدانهم وفي الوقت نفسه تهفوا أرواحهم إلى أُفق أرفع، وهي معلّقة بالمحلّ الأعلى. فالناس تتصورهم، وهم معهم، أنهم بشر مثلهم لا فرق لهم معهم، بحيث لم يخبروا باطنهم المتصل بمكان آخر. هذا هو المنطق الذي يعكس روح الإمامة ولبّها وفي كتاب" الحجّة " من (الكافي)، باب بعنوان: " أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهُما الحجّه "6. أي أن يكون أحدهما إنسان في مثل هذه الصفات، تمام كما كان أول إنسان وطئت قدماه الأرض، هكذا لتتعرفوا أكثر على روح هذا المنطق، جئت معي بكتاب "الحجة" من (الكافي)، لكي أتلو عليكم مقاطع مما يتصل بالموضوع، ثم أشير إلى ما تنطوي عليها من معانٍ. والنقطة الأساسية في هذا المجال، أن بقية مسائل هذا الباب من قبيل أنه يجب على الإمام أن يحكم بالعدل بين الناس، أو أن يكون مرجعا لاختلافاتهم في أمور الدين إنما هي فرع لذلك الأصل وعيال عليه، وليس العكس. أي لا يُصار إلى جواب الإمام وضرورة الإمامة، من واقع حاجة الناس إلى حكم الإمام. ومن هنا فإن ضرورة الحكم لا تولّد ضرورة الإمام، بل إن الإمامة أرفع شأنا وأجل مقاما من هذا الكلام. وفق هذا المنطق، تعود هذه المسائل الحكم وما شابهها لتكون فوائد استتباعية تجرها مثل تلك الإمامة. سأنتخب لكم من كل حديث جملا تكشف طبيعة هذا المنطق في مرتكزاته ومكوناته.
رواية عن الإمام الصادق
ثمَّ رواية تتّصل بالأنبياء والرسل، صدرت عن الإمام الصادق عليه السلام في جوابه للزنديق 7 ، الذي سأله: من أين أثبت الأنبياء والرسل؟ فأجابه الإمام مرتكزا إلى معنى التوحيد ومنطلقا منه: " إنا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، فيباشرهم ويباشروه، ويحاجّهم ويحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده، ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه" وفي ضوء هذا النص، يجب أن يوجد إنسان له من جهة خاصية الاتصال بالله اتصالا يمكنه من تلقي الوحي، ويكون بمقدورنا - من جهة ثانية - أن نتصل به ونباشره. ووجود إنسان مثل هذا، واجب كما أسلفنا. ثم يقول الإمام في صفتهم"حكماء مؤدَّبين بالحكمة، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس على مشاركتهم لهم في الخلق" فهم وإن اشتركوا مع بقية الناس في الخلق والتركيب، إلا أنهم يجب أن يفترقوا عنهم في قسم من الجهات، إذ هم ينطوون على جنبة علوية، بحيث يجب أن يتخلل وجودهم روح علوية. وفي شطرٍ آخر من كلامه يقول الإمام في صفتهم: "مؤيدين من عند الحكيم العليم بالحكمة".ثم يشير عليه السلام إلى لزوم وجود هذه الوسائط في كل الأزمنة، بقوله:"ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان" لماذا؟ "لكي لا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته"9.
زيد بن علي ومسألة الإمامة
زيد بن علي بن الحسين أخو الإمام الباقر عليه السلام هو من الأجلاء ورجل من الصالحين، ذكره أئمتنا بالتبجيل، وامتدحوا ثورته. وفي قضية زيد ثَمّ خلاف فحواه أنه هل كان يطلب الخلافة لنفسه أم ابتغى من خلال قيامه وثورته أن يضطلع بمسئوليته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من دون طمع بالخلافة، بل كان يريد الخلافة لأخيه الإمام الباقر؟ القدر المتَّفق عليه أن أئمتنا ذكروه بالتبجيل ووصفوه بأنه شهيد، ففي (الكافي) نفسه نقرأ عنهم عليهم السلام في وصفه: مضى والله شهيدا. ولكن مع حسم القضية عند هذا المستوى، تبقى هناك مسألة خلاصتها: هل كان زيد مشتبها أم لا؟ الرواية التي سنتناولها الآن تدلل على اشتباهه. أما كيف يكون مثل هذا الإنسان مشتبها، فتلك مسألة أخرى (لا شأن لنا بها الآن). كان من أصحاب الإمام الباقر عليه السلام رجل يعرف بأبي جعفر الأحول. يحدث أبو جعفر أن زيدا بعث إليه وهو مستخفٍ، حتى إذا صار إليه، قال له: يا أبا جعفر، ما تقول إن طرقك طارق منا، أتخرج معه؟ يقول أبوجعفر: فقلت له: إن كان أباك أو أخاك، خرجت معه. فقال له زيد عارضا عليه نصرته: فأنا أُريد أن أخرج أُجاهد هؤلاء القوم، فاخرج معي.
رفض أبو جعفر ذلك، وقال: لا، ما افعل جعلت فداك.
ردَّ عليه زيد: أترغب بنفسك عني؟
يقول أبو جعفر: قلت إنما هي نفس واحدة، فإن كان لله في الأرض حجّة فالمتخلّف عنك ناجٍ، والخارج معك هالك. وإن لا تكن لله حجّة في الأرض فالمتخلّف عنك والخارج معك سواء ". كان أبو جعفر الأحول يعرف ما يريده زيد، لذلك ذكر له - في مفاد هذا الحديث - أن لله في الأرض حجّة، وأن الحجّة في هذا الزمان هو أخوك، لا أنت. عند هذه النقطة، بدأ زيد يحتجّ على أبي جعفر بشدّةِ حرص أبيه عليه، فكيف لم يخبره بهذا الأمر، مع شدّة شفقته عليه؟ يحدث أبو جعفر: فقال لي - يعني زيدا -: يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة، ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد، شفقة عليّ، ولم يشفق عليّ من حرّ النار إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني به؟ فقلت له: جعلت فداك، من شفقته عليك من حرّ النار لم يخبرك، خاف عليك أن لا تقبله فتدخل النار، وأخبرني أنا، فإن قبلت نجوت، وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار.
يذكر أبو جعفر، أنه سأل زيدا بعدئذ: أنتم أفضل أم الأنبياء؟ قال: بل الأنبياء.
قلت: يقول يعقوب ليوسف: يابني لا تقصص رؤياك على أخوتك فيكيدوا لك كيدا.
لقد كان يعقوب نبيا، ويوسف نبي وخليفة أبيه من بعده، ومع ذلك نهاه أن يقص رؤياه على أخوته، ليس لعداوة، بل لحبّه وحبّ يوسف أيضاً. يعبر أبو جعفر الأحوال عن هذا المعنى بتتمة الحوار، حيث يقول: لم يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه، ولكن كتمهم ذلك، فكذا أبوك كتمك لأنه يخاف عليك. عندما وصل الحوار بينهما إلى هذه النقطة، سُدّت الأبواب أمام زيد ولم يدرِ ما يجيب به. وقتئذ انعطف قائلا: أما والله لئن قلت ذلك، لقد حدثني صاحبك بالمدينة (ويعني به أخاه الإمام الباقر عليه السلام) أني أُقتل وأُصلب بالكناسة، وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي. يبدو زيد هنا وكأنه يقرأ لأبي جعفر الأحول في صحيفة أخرى، إذ تحول في منطقه تماما متجها نحو تأييد النظرية الثانية. فقد تغافل عن الفكرة أولا، وبدا وهو يتحدث لأبي جعفر أول وهلة، وكأنه يتجاهلها. ولكن حين رأى منه هذا الرسوخ في الإمامة، عاد ليذكر له أنه ليس غافلا عن هذا المعنى للإمامة، بل هو يعتقد به. وفي جملته الأخيرة للأحول، ما يُشعر أنه صمّم على الخروج عن علم وعمد وبتوجيه من أخيه الإمام.
يقول أبو جعفر، إنني حين ذهبت إلى الحجّ، أخبرت الإمام الصادق عليه السلام بما جرى لي مع زيد، فأيدني الإمام فيما قلته وذهبت إليه10.
حديثان عن الإمام الصادق
جاء في الحديث عن الإمام الصادق، قوله عليه السلام: "إن الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام". كما جاء عنه قوله عليه السلام: "لو بقي اثنان لكان أحدهما الحجّة على صاحبه" 11.
ورواية عن الإمام الرضا
ثمَّ في هذا المجال أحاديث كثيرة، منها رواية مفصَّلة عن الإمام الرضا عليه السلام حيث يحدث عبدالعزيز بن مسلم، بقوله:" كنا مع الرضا عليه السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة، وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها، فدخلت على سيّدي عليه السلام فاعلمته خوض الناس، فتبسم عليه السلام ".
تنم ابتسامة الإمام هنا عن السخرية بمستوى ما يذهب إليه أولئك في الإمامة، وبجهلهم بها.
يواصل عبد العزيز بن مسلم نقل الخبر، فيقول:"ثم قال (الإمام): يا عبد العزيز، جهل القوم وخُدعوا عن آرائهم. إن الله عز وجل لم يقبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حتى أكمل له الدين، وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء، بين فيه الحلال والحرام، والحدود والأحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً، فقال عز وجل (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره صلى الله عليه وآله وسلم: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). وأمْر الإمامة من تمام الدين، ولم يمضِ صلى الله عليه وآله وسلم حتى بيَّن لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليا عليه السلام علَماً وإماماً ".
خلاصة ما ينتهي إليه منطق القرآن، أنه يذكر بمنتهى الصراحة بيانه لكل شيء.
والسؤال: هل توفر كتاب الله على بيان الجزئيات والتفاصيل أيضا، أم أنه اقتصر على الكلّيات والأصول العامة مما يحتاج الناس إليه؟
إن واحدة مما توفر القرآن على بيانها، أنه نصَّب للناس مرجعا بعد النبي، يعودون إليه في تفسير القرآن وتوضيح معانيه، وبيان أصوله العامة وتفصيلها. وهذا المرجع لا يفعل ذلك من تلقاء رأيه أو باجتهاده حتى يصيب في شيء مما يبينه، ويخطئ في بعض، بل هو يمارس وظيفته من خلال العلم الإلهي، وأن لديه حقيقة الإسلام.
في ضوء ذلك، يتبين ما أراده القرآن من بيانه لكل شيء، فهو قد بينه بالنحو الذي توفر فيه على ذكر الأصول والكليات من جهة، وبين التفاصيل والجزئيات من جهة ثانية، وأوكل علمها للمرجع المنصوب الذي يكون بين الناس دائما وهو يحمل الإسلام بتمامه.
وبذلك لم يبق شيء وراء ذلك، بعد أن احتوى القرآن الكليات وأوكل التفاصيل إلى المرجع- الإمام، وبهذا المعنى يكون قد بين كل شيء.
نعود إلى الرواية، حيث يقول فيها الإمام:"فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله" والذي يرد كتاب الله كافر.
يقول الإمام الرضا عليه السلام بعد ذلك: "هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارُهم"؟ هؤلاء يقولون بانتخاب الإمام، لأنهم يظنون أن انتخاب الإمام كانتخاب قائد للجيش مثلاً، مع أننا نجد القرآن يصرّح أن الذين اكتمل بنصب الإمام، العارف بحقيقة الإسلام، والحفي بجزئيات المسائل مما لم يرد ذكرها في القرآن.
فهل بمقدور الناس أن تعرف مثل هذا الشخص حتى تنتخبه؟ إن القول بانتخاب الإمام يشبه قيامنا بانتخاب النبي!
يضيف الإمام: "إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم".
الإمامة في هذا النص تعلو على فكر الناس وترتفع عليه، ثم تنأى أن تكون انتخابية باختيارهم. إن المسألة التي يجب أن تكون انتخابية من اختيار الناس، هي تلك التي يكون تشخيصها فعلا في نطاق المجتمع حقا.
والدين لا يتدخل مباشرة في القضايا التي يكون بمقدور الناس تشخيصها، بل من الخطأ أن يتدخل الدين فيها بشكل مباشر، وإلا ما شأن عقل الإنسان وفكره إن لم يملأ هذه المنطقة؟ هذه المنطقة هي مساحة مفتوحة لعقل الإنسان وفكره، على البشر أن يمارس من خلالها حقه في الاختيار.
أما حين تكون القضية خارج منطقة العقل البشري، وارفع منه، فلا يبقى عندئذ مجال للاختيار. وقضية الإمامة هي من هذا القبيل، فالإمام "أجل قدرا وأعظم شأنا، وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا" من أن يُدرَك بعقول الناس، وأن يُصاب برأيهم، فيكون من اختيارهم.
إذا أردتم أن تفهموا الإمامة بمعناها الواقعي، فاعلموا أنها غير ما يردده الناس في هذا العصر من أنها تتمثل بانتخابنا خليفة للنبي تقتصر مهامة على إدارة شؤون الأمة فقط. وبنص حديث الإمام الرضا عليه السلام: "إن الإمامة خصّ الله (عز وجل) بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلّة...، فقال الخليل عليه السلام سرورا بها: (ومن ذريتي؟) وهو يعرف أن هذا المقام لا يمكن أن يشمل جميع ذريته، فأتاه الجواب: (لا ينال عهدي الظالمين).
والسؤال: من المقصود بالظالم؟ هل هو الظالم في حال وقوع الظلم منه، سواء كان في السابق ظالما أم لم يكن؟ ذكروا أن من المحال على إبراهيم عليه السلام أن يطلب هذا المقام للظالمين من ذريته، فلابدّ أن يكون المراد من سؤاله الصالحين منها. وقد جاء الجواب أنها (الإمامة) ستكون للصالحين دون الظالمين.
وهنا يقول الإمام الرضا عليه السلام:"فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة" وصفوة الشيء زبدته.
"ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ، وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ﴾12. والمراد بالطهارة العصمة.
لقد أولى القرآن عناية في الإشارة إلى حمل ذرية إبراهيم للإمامة، بحيث تحوّل هذا المعنى إلى دعامة كبيرة لقضية الإمامة.
والسؤال الذي يُطرح بهذا الشأن هو لماذا اعتنى القرآن بهذا البعد، مع رفضه المطلق لمنطق التمييز السلالي والعنصري القائم على تفضيل عنصر على عنصر آخر؟
لقد أجاد حقا الشيخ محمد تقي شريعتي ببحث هذه المسألة في كتابه"الخلافة والولاية" عندما ميز بين قضيتين، بين ما تمثله ذرية ما من كيان سلالي وطبيعي، وبين ما تحمله من مؤهلات، فهذه - الأخيرة- قضية أخرى، وهي معنى حمل الذرية للإمامة.
يقول الإمام بعد ذلك:" فمن أين يختار هؤلاء الجهّال " أي أنى يكون لهؤلاء انتخاب الإمام وهو المقام الذي ناله إبراهيم عليه السلام بعد أن بلغ النبوة؟
وحين تكون الإمامة وراثة يتوارثها الأوصياء، بمعنى كونها استعدادا ينتقل من جيل إلى الذي يليه، وليس وراثة قانونية، وهي خلافة الله التي تمثلت في الإنسان الأول، وخلافة الرسول، فهل يمكن لها - وهي في هذا الواقع - أن تخضع لاختيار الناس وانتخابهم؟
يقول الإمام عليه السلام مدللا على هذه المعاني: "إن الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الأوصياء، إن الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يقول:"إن الإمامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين. إن الإمامة أُسُّ الإسلام النامي وفرعه السامي، بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحجّ والجهاد" إلى آخر حديثه عليه السلام13.
استخلاص
نصل من مجموع ما مر معنا إلى منطق إذا قبلناه فهو يقوم على أساس ومبانٍ، وإذا افترضنا أن أحداً رفضه ولم يرض به، فذلك كلام آخر(يحتاج إلى بحث مسـتأنف).
مكونات هذا المنطق - في الإمامة - هي غير تلك المسائل السطحية التي لا أهمية لها، من قبيل ما يردده أغلب المتكلمين من قولهم إن أبا بكر أضحى الخليفة الأول بعد أن قُبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعليٌّ الرابع، فهل كان يجب أن يكون عليٌّ الأول، أم الرابع، وهل توفرت شروط الإمامة في أبي بكر وتجمعت فيه أم لا؟
إن هذا المنحنى من البحث (الكلامي) يفسر شرائط الإمامة ومواصفاتها، على أساس أن تكون شرائط الحكم والحاكم الذي يتولى أمور المسلمين.
طبيعي أن قضية شروط الحكم ومواصفات الحاكم، هي قضية أساسية، وللشيعة مؤاخذات في محلّها لما يقوله الفريق الآخر في هذا المجال - ونقدٌ في مكانه. ولكن من غير الصحيح أساسا - منهجيا ومبنائيا أن تدرج قضية الإمامة وتختزل تحت عنوان: هل توفرت شرائط الإمامة في أبي بكر وجمعت له أم لا؟
إن أهل السنة أساسا لا يعتقدون بمثل هذا المقام، وخلاصة رأيهم في هذا المجال أن ما أراده الله من الأبعاد الغيبية التي تتخطى ما وراء طبيعة الإنسان قد أنزله (سبحانه) على آدم وإبراهيم وبقية الرسل، حتى أغلقت الدائرة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
أما العهد الذي تلا قبض رسول الله، فالبشر فيه عاديون، ليس فيهم شخصية استثنائية من طراز الإمام - بل هناك فقط العلماء، وهؤلاء حصلوا على معارفهم من خلال التعلّم والكسب، وهم يخطئون تارة ويصيبون تارة أخرى، وإلى جوار العلماء هناك الحكّام، وهؤلاء فيهم العادل وفيهم الفاسق.
وفي ضوء ذلك، لا يعتقد التصور السني لمرحلة ما بعد الرسول، بوجود حجج لله، لهم اتصال بعالم ما وراء الطبيعة، كما نعتقد نحن، بل يعتقدون أن هذا الباب قد أُغلق تماما بقبض النبي.
جوابنا نحن الشيعة، أن ما انتهى بعد الرسول هو الرسالة والنبوة، فلن يأتي - بعد النبي الخاتم - إنسان يحمل للبشرية شريعة جديدة ودينا آخر. فليس هناك غير دين واحد هو الإسلام. وبنبي الإسلام خُتمت الرسالة والنبوة.
أما الحجّة والإنسان الكامل حيث كان الكائن البشري الأول إنساناً كاملا، وكذا ينبغي أن يكون الإنسان الأخير في خط الخليقة على الأرض فهذا خطٌّ لم يغلق أبدا بين أفراد النوع البشري.
أجل، هناك فئة واحدة بين أهل السنة، هم المتصوفة، تقبل هذه المسألة، وإن كانت تعبر عنها بأسماء أخرى، وهذا ما يفسر لنا قبول متصوفة أهل السنة للإمامة في بعض كلماتهم بمثل ما تقول به الشيعة في هذا المضمار، رغم تصوفهم.
خذوا الأندلس على سبيل المثال، وهي بلاد لم يكن أهلها سنّة وحسب، بل كانوا معاندين للشيعة تُشم منهم رائحة النصب. وسبب هذه الحال أن الأمويين هم أول من فتح تلك البلاد، وقد خضعت لحكمهم سنين متمادية، وقد كان الأمويون في موقع العداء لأهل البيت.
ولهذا السبب يوجد أندلسيون من بين النواصب من علماء أهل السنّة، وربما لم يكن هناك شيعة في الأندلس، وإذا كانوا فهم قلة قليلة جدا.
ومع ذاك، نجد أن محيي الدين بن عربي يعتقد رغم كونه أندلسيا بأن الأرض لا يمكن أن تخلو من الوليّ والحجّة، وهو يؤمن بالمعتقد الشيعي في هذا المضمار، ويذكر أسماء الأئمة عليهم السلام حتى يذكر بشأن الإمام الثاني عشر، أنه رأى محمد بن الحسن العسكري في مكان من الأمكنة، بعد سنة ستمائة للهجرة بعدة سنوات. ومرد هذا المعتقد لديه، مشربه العرفاني.
طبيعي أن لابن عربي كلمات تضاد هذا الكلام وتشي بكونه سنيا متعصبا، بيدَ أن ذوقه العرفاني يوجب عليه في الوقت نفسه، الاعتقاد بعدم خلوّ الأرض من ولي بحسب تعبيرهم، وحجة بحسب نص أئمتنا، بل هو يتجاوز الإيمان بذلك للقول بالمشاهدة، حيث يذكر أنه التقى محمد بن الحسن العسكري (الإمام المهدي(عليه السلام) وزاره في مخفاه، وقد كان عمر الإمام ثلاثمائة وعدة سنين. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *الامامة،الشيخ مرتضى مطهري، المترجم:جواد علي كسّار، مؤسسة أمُّ القرى،لبنان بيروت،ط2 1422هـ،ص211ـ233.
1- البقرة:30-31 2- نهج البلاغة، الحكمة رقم139 طبعة فيض الإسلام 3- يقول الإمام عليه السلام في الإشارة إلى هاتين الفئتين: " بلى أصبت لقناً غير مأمون عليه، مستعملا آلة الدين للدنيا، ومستظهراً بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحَمَلة الحقّ، لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض شبهة. ألا لاذا ولا ذاك ! ".ينظر: نهج البلاغة، الحكمة رقم 147، صبحي الصالح، ص496. (المترجم) 4- هذا المقطع هو الذي ذكر السيد البروجردي أن الإمام عليا عليه السلام تحدث به بخطبة ألقاها في البصرة، وإلا فهو موجود في نهاية حديثه مع كميل بن زياد 5- نهج البلاغة طبعة فيض الإسلام، الحكمة رقم 139.أما في طبعة صبحي الصالح، فعلاوة على اختلاف الترقيم حيث تأخذ هذه الحكمة الرقم 147 فهناك أيضا اختلاف آخر في كلمة "استو عره" حيث جاءت في طبعة فيض بهذه الصياغة، أما في طبعة صبحي الصالح فقد وردت بصيغة " استعوره " ومعناها: عدّه وعراً خشناً (المترجم). 6- في هذا الباب خمسة أحاديث تتوحّد في المضمون وتتشابه في النصّ تقريبا، منها " لو لم يبق في الأرض إلا اثنان لكان أحدهما الحجّة "، " لو لم يكن في الأرض إلا اثنان لكان الإمام أحدهما " وفيه أيضا: " لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الإمام. وقال: إن آخر من يموت الإمام لئلا يحتج أحد على الله عز وجل، أنه تركه بغير حجة عليه ".يُنظر: الأُصول من الكافي، ج1، كتاب الحجّة، باب " أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجّة "،ص 179-180 (المترجم) 7- لم تكن كلمة "الزنديق" آنذاك مظلَّلة بإيحاءات سلبية تنمّ عن الفحش والبذاءة، كما هي في استخدامها اليوم. بل كانت في ذلك العصر عنوانا لمجموعة تعرف بهذا الوصف، ولم يكن أولئك يستشعرون الفحش أو البذاءة منها، وهي أشبه ما تكون في عصرنا الراهن بالمادية ". طبيعي أن الإنسان الموحد لا يرضى لنفسه هذا الوصف ولا يرتاح إليه، على عكس الإنسان المادي الذي يفخر بانتسابه للمادية. أما بشأن كلمة الزنديق فقد قيل فيها الكثير، وعمدة ما ذكروه أن الزنادقة كانوا مانويين، ظهروا أوائل القرن الهجري الثاني الذي يعدّ قرن الإمام الصادق. لقد بحث كثير من الدراسين الأوربيين وغيرهم في جذور الزندقة في الإسلام، وكان أهم ما انتهوا إليه أنها تعبير عن الاتجاه المانوي، على أن دين ماني لم يكن من ضروب الأديان المضادة لله، بل ذهب ماني نفسه إلى حد ادعاء النبوة، بيدَ أنه لم يكن توحيديا بل كان ثنويا. لقد كان ماني أكثر ثنوية من زرادشت، حتى رجح كثيرون أن يكون زرادشت موحدا، أو معتقدا على الأقل بالتوحيد الذاتي، إذ يبدو أنه لا يمكن إثبات توحيد الخالقية من كلماته. ولكنه على أي حال كان يعتقد بمبدأ أزلي للعالم كله. أما ماني فقد كان ثنويا جزما، وكان يعتبر نفسه نبيا عن إله الخير، ولكن الذي حصل أن المانويين الذين ظهروا بعده مالوا نحو الاتجاه الطبيعي والمادي، حتى غدوا لا يعتقدون بشيء من الأساس 8- ينظر النص في: الكافي، ج1،كتاب الحجة، باب الاضطرار إلى الحجة، ص 168(المترجم). 9- المصدر السابق، ص168(المترجم). 10- قال له الإمام الصادق عليه السلام حين حدثه بمقالة زيد وما كان قاله له:"أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه، ولم تترك له مسلكا يسلكه ". ينظر الحوار كاملا في: الكافي، ج1،كتاب الحجة، باب الاضطرار إلى الحجة، الحديث الخامس، ص 174(المترجم) 11- ينظر في مصدر الحديث الأول:الكافي، ج1،كتاب الحجّة، باب أن الأرض لا تخلو من حجّة الحديث الثاني، ص 178. كما ينظر في نصّ الحديث الثاني المصدر نفسه، باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجّة، الحديث الثاني، ص 179(المترجم). 12- الأنبياء: 72-73 13- يلاحظ النص كاملا في: الكافي، ج1، كتاب الحجة، ص 198-203. (المترجم) | |
|