الشيخ حسين نجف(قدس سره)(1)
(1159ﻫ ـ 1251ﻫ)
اسمه وكنيته ونسبه
الشيخ أبو الجواد، حسين ابن الشيخ محمّد ابن الحاج نجف علي، سافر الحاج نجف علي ـ جدّ المترجم ـ من تبريز إلى النجف الأشرف واستقرّ بها، ويُعرف بيته فيها بالنجف انتساباً إليه.
ولادته
ولد عام 1159ﻫ بمدينة النجف الأشرف.
من أساتذته
الشيخ محمّد باقر الإصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني، السيّد محمّد مهدي بحر العلوم.
من تلامذته
السيّد جواد الحسيني العاملي، صاحب مفتاح الكرامة.
مكانته العلمية
عندما نقرأ سيرة هذا الشيخ فإنّنا نقف أمام شخصية استثنائية، استطاعت بفضل ما أُوتيت من ملكات علمية ونفسية أن تنال من كلمات الثناء والتقدير والإعجاب ما لا تجده في غيره إلّا القليل، وباختصار إنّ كلمات الثناء فيه قد وصلت إلى حدٍّ رفعته عن مقامات الفقهاء والصالحين إلى مقامات الأولياء والأوصياء، ومنهم يحسبه في رتبة سلمان الفارسي أو يكاد؛ وذلك لاعتنائه بتربية نفسه وتهذيبها حتّى بلغ مراتب الكمال والفضل.
وكان(قدس سره) يطيل في صلاته جدّاً، ومع ذلك كان الناس يتهافتون على الصلاة خلفه، وكان يصلّي بالمسجد المعروف في النجف الأشرف بـ(المسجد الهندي)، فكان يمتلئ على سعته، وكان العلماء يصلّون خلفه في الصف الأوّل، ومنهم آية الله العظمى السيّد مهدي بحر العلوم، وكانت صلاة الجماعة في زمانه مختصّة به.
وكان(قدس سره) ذا روح عالية، لا يهتمّ بنوازل الأيّام وأحداثها، ففي وباء الطاعون الذي أصاب النجف سنة (1247ﻫ) خرج معظم أهالي المدينة، إلّا أنّه أبى أن يُغادرها، وعندما كان يُسئل عن السبب يقول: «أنا باقٍ ما بقيت هذه المنارة»، ويقصد منارة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام). وهذا الرجل الذي يبدو أنّه من أهل العرفان والتجرّد هو أيضاً من أهل العلم والأدب، ورغم عظيم هيبة الناس له لم يكن بعيداً عن الملاطفة والتندّر.
ومن هذه النوادر يُذكر أنّ الشيخ ذات مرّة يأكل مع الشيخ جعفر كاشف الغطاء طعاماً فيه كما يبدو رز وفوقه لحم، فسقط اللحم إلى جانب الشيخ جعفر فقال: «عرف الخيرُ أهلَه فتقدّم»، فأجابه الشيخ حسين: «نبش الشيخُ تحتَه فتهدّم».
من صفاته وأخلاقه
كان(قدس سره) يحترم الصغير والكبير على الرغم من كبر سنه، وقد اشتهر عنه أنّه ما غضب على أحد، ولا تكدّر منه أحد، وكان يمتلك سخاءً طبعياً، وكرماً فطرياً، فإنّه كانت تأتيه الأموال الكثيرة وهو مع ذلك مديون لم يأخذ منه شيئاً لوفاء دينه، وكان ينفقها في أقصر وقت، ولا فرق عنده بين القريب والبعيد.
وكان من أظهر أوصافه السكوت، وإذا تكلّم لم يتكلّم إلّا بكلمة حكمة أو آية أو رواية، وكان حاضر الجواب جدّاً.
شعره
كان(قدس سره) أديباً وشاعراً لم ينظم إلّا في الأئمّة(عليهم السلام)، ونقتطف هذه الأبيات من قصيدته التي مدح فيها مولانا الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام):
لعليٍّ مناقـبٌ لا تُضاهى ** لا نبيٌّ ولا وصيٌّ حواها
مَن ترى في الورى يُضاهي علياً ** أيُضاهي فتاً به الله باها
فضله الشمس للأنام تجلّت ** كلّ راءٍ بناظريه يراها
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال السيّد محسن الأمين(قدس سره) في أعيان الشيعة: «كان المترجم فقيهاً ناسكاً زاهداً عابداً أديباً شاعراً، أورع أهل زمانه وأتقاهم».
2ـ قال الشيخ محمّد أمين الإمامي الخوئي(قدس سره) في مرآة الشرق: «هو من أعلام المتأخّرين، ووجه من فقهائنا الأجلّة المجتهدين، عالم عامل فقيه بارع فاضل ورع تقيّ زاهد راشد، كان أديباً شاعراً قوي البضاعة في الشعر والأدبية، بحراً زاخراً في الفقه والحديث والدراية والتفسير والكلام وغيرها».
3ـ قال السيّد البراقي(قدس سره) في اليتيمة الغروية: «إنّه لمقدّس أوّاه وورع، لم يخالط صفوه شائبة الخدش الاشتباه، علاّمة حَبر، وفهّامة بَر، عنه في العلم يُروى، وبه يُتحدّث في القضاء والفتوى».
4ـ قال الشيخ محمّد مهدي السماوي(قدس سره) في الطليعة: «كان فاضلاً أديباً، مشاركاً بالعلوم، فقيهاً ناسكاً مقدّساً، ذو كرامات باهرة».
من مؤلّفاته
الدرّة النجفية في الردّ على الأشعرية، ديوان شعر خاصّ بالأئمّة(عليهم السلام).
وفاته
تُوفّي(قدس سره) في الثاني من المحرّم 1251ﻫ في النجف الأشرف، ودُفن في الحجرة الواقعة عن يسار الداخل بالصحن الحيدري للإمام علي(عليه السلام) من جهة باب القبلة.
ــــــــــــــــــــــــــ
1. اُنظر: أعيان الشيعة 6/167.
بقلم : محمد أمين نجف